تلقائية

عزيزي شربل بعيني..
سأتعلم ألا أكون تلقائيةً  حين الحديث إليك،
أقتلُ فِطرتي،
أترقّبُ الكلماتِ حين تترَى من مداد قلمي،
قبل أن تركضَ صوبَ عينيك،
أتربّصُ بأفكاري.. 
قبل أن تغادر عقلي،
في طريقها إلى عقلك.
أستعيدُ الرياضياتِ وعلومَ الحساب والهندسة،
لأحسب حروفي بدقّة،
وأقيسَ زواياها وأضلاعَها وانحناءاتِ أقواسِها،
قبل وصولها إلى حاسوبك..
وأقرأ وقعَها في نفسك،
قبل أن تلجَ مقلتيك،
تلك ضريبةُ الحديث مع الشعراء،
يا له من ثمنٍ!
الكلام مع الشعراء خَطِرٌ..
خطورةَ الوقوف فوق فوهة بركان نشط.
لهذا يقولُ الربُّ:
لا تُجرّبْ شاعرًا!
مكتوبٌ.
في المرّة القادمة،
سأقول لك: ذاك بوذا،
أحد أوثان الآسيويين المجانين،
نصّبوه إلهًا،
وما أعلن عن نفسه إلا زاهدًا..
عبدوه،
فيما كان يبحثُ- مثلهم- عن الله،
وضعوا أمامه صحنًا،
يملأونه كل يومٍ بالثمر والسكر،
وهم لا يدرون أنه صائمُ الدهر،
إنْ هم إلا حائرون، ركضوا خلف حائرٍ،
يجرجرون ذيل ثوبِه الرثّ،
فنهض من جِلستِه الأبدية المنذورة،
مزّق الثوبَ..
ثم ركض معهم،
نحو الله.
ذاك المسكينُ الذي تغارُ منه،
لا يستحقُ إلا شفقةَ المُحبين،
والشعراء.
فلا تَغرْ منه..
وامنحه منديلا أبيض،
يجفف به السنوات التي تتساقطُ فوق جبينه
في عُزلتِه.
طوبى للمجانين،
وطوبى للأوثان،
وطوبى للشعراء،
والويلُ، كلُّ الويلِ
لأصدقاء الشعراء.
القاهرة ـ 2013
**